كممت، و سلمت أمري الى الله
top of page

كممت، و سلمت أمري الى الله


عند تخفيف حظر التجول لم اخرج من المنزل الا للركض او لشراء بعض الامدادات الغذائية من محلات البقالة التي اعتدت الذهاب اليها وقت الحظر، و في الحالتين كنت ارتدي غطاء رأس او "باندانا" على انها كمامة لمسايرة القانون الراهن و عدم التعرض لمخالفة غرامية. اما في ما يتعلق بحرصي على سلامتي و سلامة الآخرين فكنت على يقين بأن الكمامة لن توفر لنا الحماية، و كنت قد ايقنت ذلك لانني اقرأ.


كانت حياتي منذ تطبيق قرار حظر التجول هادئة نسبيا بخلاف اعصار الاخبار التي كانت في متداول يدي عبر وسائل الاعلام. قبل تفشي فيروس كورونا لم تكن النشرات الاخبارية تعنيني بهذا القدر و لكنني الان كنت اتناول خبر تلو الاخر و احاول ان اشبع جوع المعرفة بالبحث وراء الخبر، و ما اسهل ذلك في عصرنا هذا، و ما اخطر الولائم التي تهضم تلقائيا و لا تشعرك بالتخمة.


الامر الواقع يقر بان الحياة التي اعتدنا عليها ماض بوسعنا الترحم عليه. الامر الواقع يقر باننا امام موجة فتاكة قوتها ارعبت انظمة غطرسية افترت في الارض و تجاهلت الاله. تتبعات الوقت الراهن يصعب التنبؤ بها و تثير زوبعة من القلق. لتملك الموقف و لانعاش ما يمكن انعاشه من الاقتصاد قامت الحكومات بفرض مجموعة من الاجراءات الاحترازية و دعمها بقوانين و مخالفات و اليات تطبيق و حملات توعوية. من ابرز نجوم تلك الحملات هي الكمامة الطبية.


ارتداء الكمامة الطبية خارج نطاق الرعاية الصحية يؤكد لنا بان الامور ليست على ما يرام. لقد اصبح الكل منا مسؤول عن صحة و سلامة المجتمع. و لكن بخلاف المظاهر و الايحاءات، ما مدى كفاءة الكمامة الطبية في حمايتنا؟


الكمامة الطبية غير فعالة فيما يتعلق بحجب القطرات التي تتولد عندما يسعل المصابون بفيروس الكوفيد-١٩، والفيروس بامكانه التغلغل من خلال الكمامة او عبر اي مساحة متاحة بين الكمامة و الوجه و ايضا عبر الاعين. الى جانب ذلك، تفقد الكمامة الطبية صلاحيتها عند تبللها من رطوبة افواهنا مثلا او من تصببنا بالعرق، و مع اي لمس للكمامة لتظبيط وضعها يكون المرتدي قد عرض نفسه و غيره للخطر.


هل معنى ذلك ان عملية تغطية الانف و الفم غير مجدية؟ العبرة هي ان تغطية الانف و الفم وسيلة غير فعالة لتجنب فيروس كورونا و انه يجب علينا عدم تقديس الكمامات الطبية و ايعارها اهتمام اكبر من حجمها. ارتداء شخص لكمامة طبية لا يعني انه حرص على الاستخدام الصحيح لها و انه لم يلوثها بغير قصد و انه حريص على استبدالها عند فقدان صلاحيتها. مع ذلك ارتداء شخص لكمامة طبية يضمن له تفادي الشك فيه و تفادي خراب بيته من مخالفة هو في غنى عنها.


بحكم عملي في مجال التوعية البيئية لا استطيع ان اغض نظري عن المخلّفات الناتجة عن استخدامنا المفرط للمواد البلاستيكية احادية الاستخدام مثل الكمامات الطبية و القفازات، على ظن منا بانها تقينا من الخطر. الخطر يكمن في استهتارنا باتخاذ الاحطياطات اللازمة بما في ذلك عدم المغامرة و التعرض لتجمعات و الحرص على غسل الايدي بالشكل السليم. و في مجتمع يرتدي فيه الكثير منا من رجال و نساء اغطية رأس قابلة للغسل لماذا لا نقوم بالادلاء بها و ربطها باحكام على الانف و الفم؟



بعض المصادر:







0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page